سورة آل عمران - تفسير تيسير التفسير

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (آل عمران)


        


المَثَلَ: الحال الغريبة. الامتراء: الشك. الابتهال: الملاعنة، ثم شاع استعماله في الدعاء.
روي في سبب نزول هذه الآية ان وفد نجران وعلى رأسهم السيد العاقب قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم: مالك تشتم صاحبنا؟ قال: «ما أقول؟» قالوا: هل رأيت إنساناً من غير أب، ان كنت صادقاً فأرنا مثله. فأنزل الله تعالى: {ان مثَلل عيسى عند الله كمثل آدم} أي إن شأنه في خلق الله اياه على غير مثال سابقٍ كشأن آدم، فقد خلقه من تراب من غير أُمٍ ولا أب. بل ان خلْقَ آدم أغربُ وأعجب. ذلك ان الله قادر على صنع المعجزات اليت لا تدركها عقولنا، فهو إذا اراد شيئا إنما يقول له كن فيكون.
هذا هو الحق من ربك يا محمد في خلق عيسى، لا ما اعتقده النصارى من انه إلَه، ولا ما زعمه اليهود من انه ابن يوسف النجار. دعهم في ضلالهم، واثبُت على يقينك ولا تكن من الشاكّين. وإذا جادلك اليهود في شأن عيسى بعد هذا التنزيل فقل لهم: تعالوا ندعُ أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم ندعوا ان يصب الله لعنته على الكاذبين.
وقد روي أن النجرانيّين لما دُعوا إلى المباهلة قالوا لسيّدهم العاقب: ما ترى؟ فقال: والله لقد عرفتم نبوته، وها قد جاءكم بالفصل في أمر عيسى. والله ما باهلَ قوم نبياً الا هلكوا، فإن أبيتم أن تبقوا على دينكم فوادِعوا الرجل وانصرفوا.
فأتوا رسول الله محتضناً حفيده الحسين، والحسن وفاطمة وعليّ يشمرون خلفه وهو يقول لهم: «إذا انا دعوت فأَمِّنوا» فلما رآهم كبير النصارى قال لقومه: إني لأرى وجوهاً لو سألوا الله تعالى ان يزيل جبلاً لأزاله، فلا تباهلوا فتهلكوا.
وفي صحيح البخاري ومسلم «ان العاقب والسيّد أتيا رسول الله فأراد ان يلاعنهما. فقال أحدهما لصاحبه: لا تلاعنه، فوالله لئن كان نبيا فلاعنَنا لا نفلح أبدا، فقالا له: نعطيك ما سألت، فابعث معنا رجلاً أمينا، فقال: قم يا أبا عبيدة، أنت أمين هذه الأمة».
وفي هذا التحدي ما يدل على قوة يقين صاحبه ويقته بما يقول، اما امتناع نصارى نجران عن المباهلة فدليلٌ على شكّهم في موقفهم وكونهم على غير بينة فيما يعتقدون.


القصص: الحديث، الخبر والبيان. تولوا: أعرضوا.
ان ما نقصّه عليك ايها النبي الكريم هو الخبر اليقين فلا تلتفت إلى ما يفتريه اليهود على عيسى وأمه، ولا إلى ما يزعمه النصارى من تأليه وبنوّة، فالحقّ الذي لامريةَ فيه انه ليس هناك إلَه غير الله، وانه تعالى هو ذو العزة الذي لا يغالبه فيها أحد، والحكمةِ التي لا يساويه فيها أحد حتى يكون شريكا له في ألوهيته، أو نِدّاً في ربوبيَّتهِ.
فإن أعرضوا عن الحق الذي تعرضه عليهم، ولم يقبلوا عقيدة التوحيد التي جئتبها، فهم مفسدون، والله أعلم بحال هؤلاء، ولسوف يجازيهم على سيئات أعمالهم.


أهل الكتاب: اليهود والنصارى. كلمة سواء: كلمة عدل وإنصاف.
بعد أن بيّن الله تعالى لنا حقيقة الأمر في قضية عيسى وكيف عرضها محمد في دعوته إلى التوحيد والإسلام، وكيف عاند أهلُ الكتاب تلك الدعوة حتى اضطر النبي إلى دعوتهم إلى المباهلة، فخافوا وأحجموا عنها طلب من رسوله الكريم ان يدعوهم هنا إلى أصل الدين وروحه الذي اتفقت عليه دعوة الأنبياء جميعا. فقل يا محد: يا أهل الكتاب، تعالوا إلى كلمة عادلة اتفقت عليها الرسل والكتب التي أُنزلت من عند الله، وهي ان لا نعبد الا الله ولا يتخذ بعضنا بعضا أرباباً من دونه، ولا نطيع أحداً غيره في تحليل أو تحريم. فإن أعرضوا عن هذه الدعوة، وأبوا إلا ان يعبدوا غير الله، فقولوا لهم ايها المسلمون: اشهدوا باننا منقادون لأحكام الله، ولا نعبد أحداً سواه.
روي عن عدّي بن حاتم قال: «أتيت رسول الله وفي عنقي صليب من ذهب، فقال: يا عدي، اطرح عنك هذا الوثن. وسمعته يقرأ من سورة براءة: {اتخذوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ الله}. فقلت له: يا رسول الله، لم يكونوا يعبودنهم، قال:» أما كانوا يحللون ويحرّمون، فتأخذون باقوالهم؟ «قلت: نعم فقال:» هو ذاك «» يعني أَن هذا التحريم والتحليل يجعلهم بمثابة الأرباب.

5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12